بسم الله الرحمن الرحيم
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
زياد ما عهدناك إلا رجلاً، ما عهدناك إلا بطلا ، أيها القائد المقدام ، أيها الأسد الهصور ، لقد أدمعت برحيلك المقل ، وسطرت بدمائك الزكية آيات الأمل ، متى اللقاء أيها البطل ، متى اللقاء أيها الشهيد متى اللقاء عند الكرام الأولياء . زياد يا من انطلقت روحك الزكية إلى عنان السماء وأرسلت من عبقها ورداً يملأ الأرض من بعدك ، زياد يا من انطلقت روحك فكانت ناراً ونورا ، ناراً أحرقت أعداء الله ، ونوراً أنارت دروب التائهين ، زياد يا من انطلقت روحك وحطمت قيود الذل والعار ، وبقيت صابراً مجاهدا، قائلاً لأعداء الله نحن هنا باقون ، كنخلة عميقة الجذور ، سنفرش التراب بالدم المراق ، فقلوبنا من حديد ، وزناده الوفاء ، وزاده انطلاقة الضياء.
يصادف اليوم الخامس من شهر إبريل الذكرى السنوية لإستشهاد القائد الشهيد " زياد إبراهيم العامر" أحد أبرز قادة كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكرى لحركة التحرير الوطنى الفلسطينى " فتح " وأحد أبرز قادة معركة الدفاع عن مخيم جنين ،وأحد قادة جهاز الأمن الوقائي فى مدينة جنين,وأحد الذين إستطاعوا توحيد بندقية المقاومة في خندق المقاومة الفلسطينية التي واجهت عام 2002م أكبرعملية صهيونية عسكرية إنتهت بإجتياح كافة محافظات الضفة الغربية.
أسد معركة مخيم جنين
" زياد إبراهيم العامر "
هم قادة يختلفون عن كثير من القادة ، ورجال تميزوا عن باقي الرجال ، قادة قرروا أن يضربوا للأمة في أوج هزيمتها وانكسارها أن لا مستحيل مع الإرادة، وفارسنا الذي نحن بصدده ، قائد من أربعة قادة قادوا معركة مخيم جنين ،إذ كان قائدا لكتائب شهداء الأقصى فيها ، إنه الشهيد القائد "زياد إبراهيم العامر" ، من قرية المنسي قرب حيفا يعود اصل هذه العائلة المهجرة ، ومن نكبة تلو نكبة استقر بها المقام في مخيم جنين ، وفي هذه الأرض ولد زياد ذوال37 ربيعا، ودرس في مدرسة الوكالة في المخيم ، ملتحقا إثر ذلك بمعهد المعلمين في رام الله ،ومن ثم بجامعة القدس المفتوحة في جنين ليحمل بعد ذلك شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي .
ابتدأ حياته منذ صغره بمقارعة الصهاينة ليقضي نحو عقدين من حياته يلاحق الصهاينة تارة ويلاحقوه تارة أخرى ، وبين هذه وتلك جولات وصفحات في سجل البطولة والمجد والصبر التي سجلها المقاومون في مراحل الجهاد الفلسطيني كافة، ففى العام 1984 و أحداث ذكرى يوم الأرض تعصف بجنين ، أصيب هذا القائد برصاصة في قدمه أثناء تأديته لواجبه في التصدي للصهاينة .
رجال الفتح العملاقة الذين أرغمو أنف بنى صهيون فى التراب
ومع اندلاع الانتفاضة الأولى اعتقل زياد في العام التالي لاندلاعها حيث حكم عليه بالسجن 25 عاما بسبب نشاطه الواسع في مقاومة الاحتلال وملاحقة العملاء في جنين ، وقد هدمت الجرافات الصهيونية حينها منزل ذويه المكون من أربعة طوابق ، وتعرض أفراد أسرته للملاحقة الاعتقال فاعتقل أبوه واثنين من اخوته ، وقد قضى حينها سبعة أعوام ونصف متنقلا بين السجون الصهيونية ، إلى أن جاء الفرج في العام 1994ليطلق سراحه مع الأسرى المحررين الذين خرجوا بفعل اتفاقات أوسلو ، حيث مكث ذلك عامين في مدينة أريحا عمل خلالها مدرسا للغة الإنجليزية في إحدى مدارسها الخاصة ، ومع دخول السلطة الفلسطينية إلى مدينة جنين التحق في صفوف الأمن الوقائي في محافظة جنين برتبة نقيب .
أسمى أمانى شهيدنا القائد " زياد العامر "
ويعرف عنه صلابته في مواجهة الضيم ، فأثناء اعتقاله في سجن جنيد العسكري تشاجر مع أحد الجنود الصهاينة داخل المعتقل فما كان منه إلا أن ركله ليسقط على الدرج متدحرجا، ولم يكن لهذا الفارس أن يترجل مع اندلاع انتفاضة الأقصى ، كيف لا وهو الذي كان يقول دائما لأقرانه “إن أمنيتي في هذه الحياة أن أقتل صهيونيا وأسفك دمه ولو بمقدار فنجان ” حتى إنه عاتب نفرا من أصحابه عتابا شديدا لأنهم ذهبوا لتنفيذ عملية عسكرية قتل خلالها مستوطن دون أن يخبروه ليشارك معهم في ذلك الهجوم .
المحاولات الصهيونية الفاشلة لإغتيال القائد
" زياد العامر "
تعرض زياد في هذه الانتفاضة إلى العديد من محاولات الاغتيال لكنه نجا منها جميعا بسبب يقظته ، ومن أشهر محاولات الاغتيال التي نجا منها بفضل الله سبحانه وتعالى: حادثة اغتيال الشهيدين عكرمة استيتي ومجدي جرادات من مخيم جنين حيث كان من المفترض أن يكون معهما في السيارة ، وكذلك في حادثة اغتيال الشهيد معتصم الصباغ الذي قصفت سيارته بصواريخ الأباتشي ، أما حكايته مع الاجتياحات المتكررة لمخيم جنين فكانت مطعمة بالبطولة والشرف ، ففي الاجتياح السابق ، حدث عنه رفاقه أنه حوصرو إياهم في إحدى المرات في زقاق صغير في ساحة المخيم وكاد العدو أن يتمكن منهم، وعندما نزل الجنود ليفحصوا هل يوجد أحد في المنطقة أمر زياد رفاقه بأن يختبئوا ويلتزموا الصمت ولا يطلقوا النار على الجنود فاطمأن الجنودإلى خلو المنطقة من المقاتلين فقاموا بإنزال وحدة مشاة ، وعندها خرج لهم زياد وقام بقنص قائد الوحدة مما حدا بهم جميعا إلى الهرب فتم فك الطوق عن المقاتلين الذين نجوا حينها جميعا.
اليوم يكشف عن رجال الفتح الحقيقيين
وفي هذه المعركة لم يختلف دوره عن سابقاتها ، ففي الفترة الممتدة بين الاجتياح السابق والاجتياح الأخير والتي تصل إلى 15 يوما شارك زياد في الاجتماعات الدورية التي كانت تعقد لقيادة كتائب الأقصى وكتائب القسام وسرايا القدس للتجهيز للمعركة المقبلة ، ومع بدء المعركة التقت تلك القيادة المشتركة وتعاهدت على الصمود في المخيم فإما النصر أو الشهادة ، حتى إن زيادا رفض أن يخرج أطفاله من المخيم وأمرهم وزوجته بالبقاء في منزلهم وأن يواجهوا ذات المصير الذي يواجهه الآخرون ، وقال كلمته المعهودة لرفيق دربه الشهيد شادي النوباني ” اليوم يكشف عن رجال الفتح الحقيقيين ” .
لقد أوكلت إلى زياد مهمة قيادية في هذه المعركة فكان مشرفا على الثغور يقوم بتفقدها متنقلا بين موقع وآخر ، وقد حدث عنه رفاقه أنه كان مهتما جدا بتوفير المؤن الغذائية للبيوت الواقعة على خط المواجهة فكان يتفقدها بيتابيتا.
وإستشهاد " زياد العامر "
إسطورة مخيم جنين
أما عن قصة استشهاده والذي كان بتاريخ 5.4.2002م، فقد حدث رفاقه في السلاح أنه كان يوجد حينها في منطقة تسمى خلة الصوحة وهي منطقة مشرفة على خط المواجهة الأول مع الجنود الصهاينة ، حيث توغلت وحدة خاصة منا لجيش الصهيوني فأصر زياد على الخروج إليها وقد نصحه رفاقه حينها ألا يخرج إليهم لأن المنطقة مكشوفة ، إلا أنه كان مصرا على لقاء ربه ، فخرج إلى الوحدة واشتبك معها وأثناء عودته نالته رصاصة من قناص صهيوني فلقي ربه شهيدا قابضا على سلاحه ، وقد حدث عنه رفاقه أنه عندما استشهد ظل قابضا على سلاحه ، ولا عجب فسلاحه كان مميزا ، إذ كان يحمل رشاشا من نوع “ناتو “ثمنه يصل إلى نحو 30 ألف شيكل ، فقد رفض أن يفرط بسلاحه حتى بعد استشهاده ليلقن المتخاذلين درسا في شرف الجندية وشرف السلاح الذي يجب ألا يوجه إلا إلى صدور الصهاينة.
ولدة الشهيد
رفض خلع سترته قبل زيارة جميع شهداء الاجتياح الأول
تقولوالدته ” لقد كان زياد زاهدا في هذه الدنيا ، فلا أذكر أنني شاهدته يقف أمام المرآة ولو مرة واحدة ، وتضيف والدته ” في الاجتياح السابق عاد زياد إلى البيت بعد اندحار الصهاينة وسُترته مغطاة بالدماء فطلبت منه أن يخلعها لأغسلها له ، فرفض ذلك وأصر أن تبقى على جسده حتى يزور جميع شهداء الاجتياح والذين بلغ عددهم حينها 22 شهيدا، فابر بقسمه وبقيت على جسده ثلاثة ايام متتالية حتى زارهم جميعا ، وتقول والدته ” لقد عاهدت زياد ألا أخرج من المخيم حتى لو تم هدم منزلنا ، وبالفعل فقد قدم الصهاينة لهدم المنزل وقاموا بإحراقه ، وبقينا في ذات المكان إلى أن اندحر الصهاينة عن المخيم.
وتختم كلامها بالقول ” الجميع في المخيم كان يحب زياد ، لقد كانت علاقته مميزة مع الجميع ، مع حماس ومع الجهاد ، وكان شعاره أنا اعمل مع كل من يريد أن يعمل بغض النظر عن اتجاهه السياسي، فنال بذلك احترام الجميع ، وسجل في سجل المجد شهيدا قائدا لم يرض أن يلتفت إلى قرارات هزيلة تطالبه وغيره بالركون ولم ينتظر كما فعل الكثيرون أن تأتيه أوامر من هنا أو هناك، فقد عرف واجبه جيدا .
فإننا اليوم في كتائب شهداء الأقصى - فلسطين لواء الشهيد القائد " نضال العامودي"، ننحني إجلالاً وإكباراً لروح شهيدنا القائد،" زياد العامر " أحد قادة جهاز الأمن الوقائي ،صاحب البندقية الطاهرة والقاهرة للإحتلال الغاصب وفي ذكراه العطرة نجدد العهد و البيعة مع الله عزوجل والوفاء للشهداء الأكرم منا جميعا، و نؤكد ان دماء الشهداء لن تذهب هدراً وستكون لعنةً تطارد المحتل في كل مكان ونبراس يضئ لنا طريق الحرية والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وانها لثورة حتى النصر أو الشهادة
القصف بالقصف.. والقتل بالقتل.. والرعب بالرعب
الإعلام العسكري لكتائب شهداء الأقصى لواء الشهيد القائد " نضال العامودى "
الذراع العسكري لحركة التحرير الوطنى الفلسطينى " فتح "